استراتيجيات وطنية ذكية، ورؤى تنموية طموحة، وتحولات رقمية عميقة، فتحت الطريق أمام ولادة “ثورة الشركات الناشئة” في الخليج والمنطقة العربية، هذا ما أشارت إليه الدكتورة حنان القاعي، الخبيرة الاستراتيجية في العلاقات الدولية والشراكات والتطوير المؤسسي، حيث تصبح بيئة الأعمال أكثر نضوجاً وجاذبية للاستثمارات العالمية، يقودها شباب متمكن علمياً ومهنياً، يدرك إمكانياته جيداً، ويبحث عن التميز في اقتصاد جديد يقوم على الابتكار.
هذه الثورة كانت محور حديثنا مع د. حنان القاعي والتي أكدت أن ريادة الأعمال لم تعد رفاهية بل
وأوضحت د. حنان القاعي أن البيانات الحديثة أشارت إلى أن الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعيش اليوم مرحلة فارقة.
فبحسب تقارير التمويل للنصف الأول من عام 2025، بلغ حجم الاستثمارات في هذه الشركات نحو 2.1 مليار دولار عبر 334 صفقة، بزيادة لافتة بلغت 134٪ مقارنة بالعام الماضي.
وتصدرت السعودية المشهد بحصة تجاوزت 1.34 مليار دولار، أي ما يمثل 64 ٪ من إجمالي التمويلات الإقليمية، محققة نمواً هائلاً بنسبة 342٪ عن الفترة نفسها من 2024.
وتصف د.القاعي هذه الأرقام بأنها “ليست مجرد بيانات مالية، بل انعكاس مباشر لنضج بيئة الأعمال وتحولها إلى بيئة إقليمية جاذبة للاستثمار العالمي”.
وتوضح د. القاعي أن هذا الزخم الاستثماري جاء نتيجة تضافر عدة عوامل منها الدعم الحكومي عبر سياسات ورؤى وطنية كبرى مثل رؤية السعودية 2030 وغدان 21 في الإمارات، والتي جعلت الابتكار وريادة الأعمال في صميم استراتيجيات التنمية.
بالاضافة إلى القوة الديموغرافية الرقمية، إذ أن أكثر من 60٪ من سكان المنطقة تحت سن الثلاثين، مما يخلق طلباً متزايداً على الحلول الرقمية والخدمات المبتكرة.
كما أن تطور البنية التحتية الاستثمارية من خلال الحاضنات والمسرّعات والمناطق الحرة التي وفرت مظلة آمنة وداعمة للمشاريع الجديدة.
والشراكات الدولية التي ساهمت في نقل الخبرات وفتح أسواق جديدة أمام رواد الأعمال، إلى جانب توفير تمويلات ضخمة بشروط تنافسية.
وتشدد القاعي على أن “ريادة الأعمال لم تعد خياراً ثانوياً أو رفاهية اقتصادية، بل أصبحت ضرورة استراتيجية لمستقبل المنطقة”، موضحة أن الشركات الناشئة اليوم هي محرك أساسي للتنويع الاقتصادي، ووسيلة لخلق فرص عمل مستدامة، وأداة لتعزيز تنافسية الاقتصاد العربي عالمياً.
وبين التحولات الرقمية، والفرص الاستثمارية المتسارعة، والدعم الحكومي المستمر، يبدو أن الخليج يمضي بخطى واثقة نحو ترسيخ مكانته كـ حاضنة إقليمية وعالمية لريادة الأعمال والشركات الناشئة.